أداة ارتداد فيبوناتشي مؤشر واسع الشعبية يستعمله آلاف المتداولين في أسواق البورصة والعملات الصعبة والعملات الرقمية. والمبهر أن هذا المؤشر يقوم على تسلسل فيبوناتشي المُكتشف منذ أكثر من 700 عام.

وهذا المقال سيشرح أداة ارتداد فيبوناتشي وطريقة استخدامها في معرفة مستويات مهمة على رسم بياني.

 

ما هو ارتداد فيبوناتشي؟

ارتداد فيبوناتشي أداة يستخدمها المحللون الفنيون والمتداولون في محاولة لتوقع المناطق المهمة على الرسم البياني، باستعمال نسب فيبوناتشي باعتبارها نسباً مئوية. وأداة ارتداد فيبوناتشي مشتقة من تسلسل رقمي حدده عالم الرياضيات ليوناردو فيبوناتشي في القرن الثالث عشر، يُسمى بتسلسل فيبوناتشي. وتخلق علاقات رياضية معينة بين الأرقام في هذا التسلسل نسباً يمكن تمثيلها برسم بياني. وهذه النسب هي:

  • %0
  • %23.6 
  • %38.2
  • %61.8
  • %78.6
  • %100  

وفي حين أنها ليست نسبة فيبوناتشي من الناحية الفنية، يعتبر بعض المتداولين أن مستوى 50% له أهمية بقدر ما لأنه يمثل نقطة منتصف النطاق السعري. ويمكن أيضاً استعمال نسب فيبوناتشي خارج نطاق 0-100%، مثل 161.8%، أو 261.8% أو 423.6%.

وسنناقش كيف يمكن للمتداولين استعمال هذه النسب، لكن النقطة الرئيسية هنا هي أن المستويات التي تحددها النسب يمكن أن ترتبط بمستويات ذات دلالة مهمة في السوق. فعند تمثيلها في رسم بياني، يمكن استعمال مستويات فيبوناتشي في تحديد المناطق المهمة، مثل الدعم، والمقاومة، ومناطق الارتداد، ونقاط الدخول، وأهداف الخروج، ومستويات إيقاف الخسارة.

 

طريقة حساب ارتداد فيبوناتشي

بما أن هذه النسب متساوية في كل أداة من أدوات ارتداد فيبوناتشي، ليس علينا إجراء حسابات يدوية، لكن طريقة الحصول على هذه النسب تبدأ بأرقام فيبوناتشي.

فلنصنع تتابعاً من الأرقام يبدأ بالصفر والواحد، ونضيف مجموع الرقمين السابقين إلى الرقم الحالي. وإن استمررنا في ذلك إلى ما لا نهاية، نحصل على تسلسل من الأرقام يُعرف بتسلسل فيبوناتشي. 

 

0، 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89، 144، 233، 377، 610، 987... وهكذا. 

 

وهذه الأرقام بالطبع لا تُمثل مباشرة على مخطط الأسعار. لكن المستويات المستخدمة في أداة ارتداد فيبوناتشي كلها مشتقة من هذه الأرقام بطريقة ما. 

باستثناء بضعة أرقام في بداية التسلسل، إن قسمنا رقماً على الرقم التالي له، فسنحصل دائماً على نسبة قريبة من النسبة 0.618. على سبيل المثال، إن قسمنا 21 على 34، فسنحصل على 0.6176. وإن قسمنا رقماً على الرقم بعد التالي، فسنحصل على نسبة قريبة من 0.382. على سبيل المثال، إن قسمنا 21 على 55، فسنحصل على 0.3818. وكل النسب (ما عدا نسبة 50%) في أداة ارتداد فيبوناتشي قائمة على حسابات بهذه الطريقة.

 

تسلسل فيبوناتشي والنسبة الذهبية

كما ذكرنا، وضع تسلسل فيبوناتشي عالم الرياضيات ليوناردو فيبوناتشي في القرن الثالث عشر. والنسبة الذهبية (0.618 أو 1.618) نسبة رياضية مشتقة من هذه الأرقام. لكن ما سر أهمية هذا الرقم؟ 

تصف النسبة الذهبية أبعاد قائمة طويلة مذهلة من الظواهر الكونية، ويمكن إيجادها في كل مكان في الطبيعة. فكر في الذرات والنجوم وتكوين المجرات والقواقع، بل وحتى نحل العسل – كل شيء من أصغر النطاقات إلى أكبرها يمكن أن يضم أمثلة لهذه النسبة. 

علاوة على ذلك، استعمل هذه النسبة فنانون ومهندسون ومصممون لقرون طويلة في صنع لقطات وتكوينات تسر الناظرين. من الأهرامات إلى الموناليزا إلى رمز تويتر، تستعمل العديد من الأعمال الفنية والتصميمات الشهيرة النسبة الذهبية بطريقة أو بأخرى. ويتضح أن هذه النسبة قد تحمل بعض الأهمية في الأسواق المالية أيضاً.

 

طريقة استخدام ارتداد فيبوناتشي

والآن بعد أن عرفنا ماهية أداة ارتداد فيبوناتشي وطريقة عملها، فننظر في استعمالها في الأسواق المالية. 

في المُعتاد، تُرسم الأداة بين نقطتين سعريتين مهمتين، مثل أعلى مستوى وأقل مستوى للسعر، ثم يُستعمل هذا النطاق أساساً لتحليل أعمق. وعادةً ما تُستعمل الأداة في تخطيط المستويات داخل النطاق، لكنها قد تقدم معلومات أيضاً عن مستويات سعرية مهمة خارج النطاق. 

يُرسَم هذا النطاق عادةً وفقاً للاتجاه الأساسي. لذا، في حالة الاتجاه الصعودي، سيكون المستوى الأدنى هو 1 (أو 100%)، في حين سيكون المستوى الأعلى 0 (0%). وبرسم خطوط ارتداد فيبوناتشي على الاتجاه الصعودية، يمكن للمتداولين أخذ فكرة عن مستويات الدعم المحتملة التي يمكن اختبارها في حالة بدء السوق في الارتداد – ومن هنا جاء مصطلح الارتداد.

 

 

والعكس بالعكس في حالة الاتجاه الهبوطي، فالنقطة الأدنى ستكون 0 (0%)، والنقطة الأعلى 1 (100ٍ%). لاحظ أن السعر في اتجاه هبوطي، لذا فإن الارتداد في هذه الحالة يُشير إلى تحرك السعر من الأسفل (القفزة). في هذا السياق، يمكن أن تقدم أداة ارتداد فيبوناتشي معلومات عن مستويات المقاومة المحتملة إن بدأ السوق في الارتفاع.

 

 

مستويات فيبوناتشي ودلالتها عند المتداولين 

يستعمل المتداولون نسب فيبوناتشي في تحديد مناطق الدخول والأهداف السعرية ونطاق إيقاف الخسارة المحتملة، التي يمكن أن تتغير تغيراً كبيراً بناءً على الإعدادات والإستراتيجية وأسلوب التداول الخاص بكل فرد على حدة. 

وتتضمن بعض الإستراتيجيات التربح من النطاق بين مستويين محددين من مستويات فيبوناتشي. فعلى سبيل المثال، افترض اتجاهاً صعودياً يتبعه ارتداد. في هذه الحالة، الشراء عند مستوى الارتداد 38.2% والبيع عند مستوى 23.6% قد يكون إستراتيجية مثيرة للاهتمام. وهذا بالطبع يعتمد اعتماداً كبيراً على الإستراتيجية الفردية والعديد من العوامل الفنية الأخرى.

وعادة ما يتم الجمع بين مستويات فيبوناتشي ونظرية موجات إليوت لإيجاد الارتباط بين بنى الموجات والمناطق المهمة المحتملة. وهذه الإستراتيجية قوية في توقع مدى الارتداد في موجات مختلفة داخل بنية سوقية معينة.
وكما هو الحال مع الأساليب الأخرى، أداة ارتداد فيبوناتشي قوية عند استعمالها مع مؤشرات أخرى للتحليل الفني. فهناك إشارات للبيع والشراء قد لا تكفي بمفردها، لكنها قد تتأكد بالنظر إلى مؤشرات أخرى. لذا، إن وصل السعر إلى مستوى فيبوناتشي معين فقد يرتد وقد لا يرتد. ومن الضروري إدارة المخاطر بعناية، وأخذ بيئة السوق والعوامل الأخرى في الاعتبار.

 

امتدادات فيبوناتشي

وكما ذكرنا، مستويات فيبوناتشي يمكن استعمالها في إعادة تقييم مناطق الارتداد والقفز (الممثلة برقم 1 في الرسوم المتحركة أدناه). لكن بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً استعمال تسلسل فيبوناتشي في التعرف إلى المستويات المهمة خارج النطاق الحالي. وهذه المستويات تُسمى مستويات الامتداد (انظر رقم 2).

 

 

ويمكن اعتبار مستويات امتداد فيبوناتشي أهداف تداول محتملة، فقد يختار كل متداول مستوى امتداد مختلف هدفاً له (أو عدة أهداف). وأول مستويات الامتداد هي 138.6%، و150%، و161.8% – يتبعها 261.8% و423.6%. لذا فإن مستويات امتداد فيبوناتشي قد تُشير إلى مناطق قد ينتهي إليها التحرك القادم في السعر.

 

أفكار ختامية

أرقام فيبوناتشي موجودة في كل مكان في الطبيعة، ويؤمن الكثير من المتداولين بأن لها أهمية في الرسوم البيانية للأسواق المالية.

لكن كما الحال مع كل المؤشرات الفنية، فإن العلاقة بين التحركات السعرية وأنماط الرسوم البيانية والمؤشرات لا تقوم على أي مبدأ علمي أو قانون فيزيائي. لذا فإن فائدة أداة ارتداد فيبوناتشي قد ترتبط بعدد المشاركين المنتبهين لها من بين المشاركين في السوق. لذا فمع أن مستويات ارتداد فيبوناتشي لا ترتبط بالضرورة بأي شيء مادي ملموس، قد تمثل أداة نافعة لتوقع المناطق المهمة على الرسم البياني.
لا تحتوي هذه المقالة على نصائح أو توصيات استثمارية. تنطوي كل حركة استثمار وتداول على مخاطر ، ويجب على القراء إجراء أبحاثهم الخاصة عند اتخاذ القرار.